حُـــمـــار يــصــنــع وزيـــراً
في كتاب نزهة الأبصار في أخبار ملوك الأمصار
إن بعض الملوك مر بغلام هرب و هو يسوق حماراً غير منبعث , و قد عنف عليه في السوق.
الملك: يا غلام ارفق به.
الغلام : أيها الملك في الرفق به مضرة عليه.
الملك: و كيف ذلك؟
الغلام: يطول طريقه و يشتد جوعه, و في العنف به احسان إليه.
الملك: و كيف ذلك؟
الغلام: يخف حمله و يطول أكله.
فأعجب الملك بكلامه و قال : قد أمرت لك بألف دينار درهم.
الغلام: رزق مقدور و واهب مشكور.
الملك : و قد أمرت بإثبات اسمك في حشمي.
الغلام : كفيت مؤنة و رزقت مؤنة.
الملك : عظني فإني أراك حكيما.
الغلام: أبها الملك إذا استوت بك السلامة فجدد ذكر العطب , و إذا هنأتك العافية فحدث نفسك بالبلاء , و إذا اطمأن بك الأمن فاستشعر الخوف , و إذا بلغت نهاية العمل فاذكر الموت , و إذا أحببت نفسك فلا تجعلن لها في الإساءة نصيباً .
فأعجب الملك بكلامه و قال : لولا أنك حديث السن لاستوزرتك .
الغلام : لن يعدم الفضل من رزق العقل .
الملك : فهل تصلح لذلك؟
الغلام: إنما يكون المدح و الذم بعد التجربة و لا يعرف الإنسان نفسه حتى يبلوها